الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

الإعلام العربي وتكريس واقع التخلف




الإعلام العربي
وتكريس واقع التخلف

بقلم : محمد سالم بن عمر- عضو اتحاد الكتاب التونسيين .


لشدّ ما تقلقني تلك التحاليل التي ترجع كل مآسينا الحضارية كالقهر والتسلط وهيمنة الخطاب الواحد على وسائل إعلامنا إلى عنصر واحد أو فرد واحد ألا وهو القائد أو الزعيم/ الصنم المعبود.؟
وسبب قلقي أن مثل هذه التحاليل من شأنها أن تغطي على مواطن الخلل في مجتمعنا ولا تعالجها بكيفية ناجعة، لآن شرط العلاج الصحيح هو التشخيص السليم والشامل لأسباب الخلل، إذ لا يعقل مثلا الزعم بأن التخلف الذي يهيمن على وسائل الإتصال عندنا مرده الولاء لقائد سياسي أو لنظام حُكم معين، فالقائد السياسي لا يزيد عن كونه يمثل رمزا لقوى اقتصادية واجتماعية وسياسية تختفي وراءه هذه القوى حتى لا يطالها النقد والتجريح و يفتضح أمرها. لذلك فهي في سعي دائب لتكريس واقع التخلف و النهب و الظلم باحتكارها لوسائل الإتصال الجماهيرية، حتى لا توظف هذه الوسائل في توعية أفراد الأمة بحقوقهم في الإنتفاع بثروات الوطن، ومشاركة هذه الشرذمة في الثروات والخيرات التي اغتصبوها ظلما وعدوانا من عرق جبين الأمة و حقوقها المسلوبة . وخير وسيلة تتبعها هذه الشرذمة المستبدة بكل حظوظ الوطن ، تتمثل في صناعة "صنم بشري" تضعه" في الواجهة لتحقيق مآربها و الحفاظ على مصالحها، وتحيك حوله الأساطير وتنشط في تزييف الحقائق لإقناع الناس بضرورة الصبر و الخضوع لصروف الدهر لأن القائد الأوحد/ الصنم  المعبود، بصدد حل جميع مشكلاتهم، وهكذا يخلقون الأمل الزائف تلو الأمل ليبقى الناس يتضورون جوعا وفقرا وبطالة وقهرا ومرضا .. صابرين ، واهمين ،وهم في شوق ليوم قادم لن يأتي أبدا.
إن هذه القوى المحتكرة لثروات الأمة و المشرفة على كل حظوظها الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية .. لا يمكنها أن تعيش  و تستكرش و تتمدد جذورها ، إلا في ظل واقع مريض
 و مستنقع انتشرت فيه كل أنواع الجراثيم الفتاكة،و سترت عورته الميوعة    و الإنحراف ولفه الإستحمار الفكري و الديني لفا ... مما يوفر لها أسباب الإستمرار و التمدد في احتكار الثروة والمسؤولية . والشرط الأساسي لاستمرار هذا المرض العضال
و الإستبداد المقيت الجاثم على قلب الوطن، يتمثل في احتكار وسائل الإتصال الجماهيرية لأن انفلات هذه الوسائل من أيدي هؤلاء المحتكرين/ المجرمين يعني بروز رجال صادقين ينصحون الأمة ويكشفون لها الزيف والنفاق ويحاربون الظلم و الإحتكار وهذا من شأنه أن يفقد هؤلاء الأوغاد هيبتهم المصطنعة وثروتهم التي بنوها على جماجم الفقراء والمضطهدين
 و المستضعفين من الرجال و الولدان و النساء.%

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق